يصنف العود الدمشقي من بين أكثر الأعواد شهرة وجودة في أوساط المهتمين بالموسيقا العربية ولا سيما أن سورية كانت مهداً له منذ العصور القديمة حيث عثر على نقوش حجرية في الشمال السوري تعود إلى 5000 عام تمثل نساء يقمن بالعزف عليه.
وعلى ضوء ما يشكله العود من أهمية في التراث اللامادي السوري وضرورة إعادته إلى صدارة المشهد الثقافي أقامت مديرية التراث بوزارة الثقافة معرضاً للأعواد الموسيقية ضمن احتفالية أيام الثقافة السورية بمكتبة الأسد الوطنية.
وضم المعرض أعواداً صممها حرفيون سوريون من كبار صناع العود الدمشقي تعود للنصف الأول من القرن الماضي منهم (الأخوان روفاييل وعبدو نحات) اللذان يعود عودهما لسنة 1904 وعود لأنطون نحات صنعه سنة 1919 وثالث لبودرسيان سنة 1938 فضلاً عن أعواد صنعها علي خليفة تعود لأعوام من 1917 و1960.
وفي تصريح لـ سانا بين عيسى عوض باحث بالأعواد الدمشقية القديمة أن النماذج التي يضمها المعرض عبارة عن مقتنيات شخصية تعود لفترات زمني قديمة حيث أن صناعة هذه الآلة في دمشق تعد حرفة تراثية قديمة ولكنها أخذت شكلاً متطوراً على صعيد الكم والنوع على يد عائلة آل نحات التي تفرغت لصناعة هذه الآلة منذ عام 1880 ولغاية عام 1960 وامتازت أعوادها بالدقة والمتانة والجودة وإتقان العمل وكانت أول من أدخل الموزاييك والزخارف الدمشقية على صناعة العود.
وأكد عوض أنه رغم وجود منافسين في صناعة العود في المنطقة فإن التصميم الدمشقي يبقى الأجمل والأفضل كما أن صوت أوتاره يضاهي مثيلاته عالمياً فضلاً عن ميزاته من اعتماده الخشب الطبيعي ولا سيما الجوز المخمر وذلك لقابليته للتطويع وألوانه المتدرجة والصوت الصادر عنه إضافة إلى أخشاب الورد والحور والأبنوس والمشمش التي اشتهرت بها غوطة دمشق.
من جهته أعرب عازف العود القدير كنان أدناوي عن سعادته لعرض الإرث الحضاري السوري من الأعواد الدمشقية القديمة والعريقة فهي ذات قيمة تراثية وفنية وذلك لتميز أصواتها وتفاصيل صناعتها التي لها علاقة بتقاليد الصناعة الموسيقية الدمشقية مشيراً إلى جملة تفاصيل يبحث عنها عازفو العود في شكل الآلة التي يريدون اقتناءها.
وشكل المعرض فرصة ليقدم رباعي العود السوري قدرات عازفيه الأكاديمية خلال حفل أقيم في مدرج المكتبة مؤكدين عبره أن تراث الأجداد يصونه الأبناء بطريقة تجمع الأصالة والحداثة معاً لأن هذا الرباعي الذي أسسه الموسيقي محمد عثمان عام 2014 ظهر كفكرة مقتبسة عن الرباعيات الوترية الموجودة في أوروبا ويضم أربعة أعواد ثلاثة منها ضمن الحد الطبيعي والرابع هو عود (باص) يصل لطبقات منخفضة للحصول على مساحة صوتية أكبر تخدم الأهداف الموسيقية وتحقق لوناً جديداً.
المقطوعات التي قدمها الرباعي خلال الحفل كانت مثالاً واضحاً على أسلوبه القائم على التعددية الحنية بحيث يتسنى للمستمع أن يتمتع بصوت العود بشكل إفرادي منسوجاً عليه العديد من الألحان الصادرة عن آلات العود الباقية ضمن حالة جماعية منسجمة.
وكان الرباعي شارك في عدة حفلات نظمت من قبل المعهد العالي للموسيقا ومع الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية والمركز الوطني للفنون البصرية كما شارك في مهرجان مينا ببيروت ومهرجان الرقص والموسيقا بالهند وصدر عنه ألبوم موسيقي واحد بعنوان (ضياع) تأليف محمد عثمان.