كلمة الأستاذ محمد الأحمد وزير الثقافة بافتتاح سوق السقطية في حلب
يشرفني ويسعدني أن أكون بينكم في هذه المناسبة الرائعة، مناسبة افتتاح سوق السقطية وإعادته إلى الحياة، وإلى أهله ورواده. فهذا السوق هو المركز من الأسواق المسقوفة التي تشتهر بها حلب ودرتها.
لقد كان السوق يشهد حركة كثيفة قبل الحرب التي شنت على بلدنا عام 2011، لكنه تعرض لكثير من الأذى والضرر البالغ بعد احتلال العصابات الارهابية المسلحة لحلب القديمة وهو ما أدى إلى إلحاق دمار كبير في المدينة القديمة وأوابدها الأثرية وأهمها الجامع الأموي ومئذنته الشهيرة، مما دفع منظمة اليونيسكو لوضع حلب القديمة على لائحة المواقع الخطرة المهددة بالإزالة عن قائمة التراث العالمي.
وبعد تحرير المدينة وتقييم الأضرار فقد جاء في تقرير اليونيسكو أن نسبة الأبنية المدمرة بشكل كامل في المدينة بلغ نحو 30 بالمئة، فيما بلغت نسبة الأبنية التي تعرضت لدمار شديد أو جزئي نحو 60¬ بالمئة. وهذا السوق هو جزء منها.
ونظراً لأهمية السوق وانعكاس تأهيله على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للسكان، وبالتعاون والتنسيق مع مديرية الآثار والمتاحف في وزارة الثقافة ومجلس محافظة حلب والأمانة السورية للتنمية، فقد اختارته مؤسسة الأغا خان الثقافية الدولية لتعيد إحياءه، وذلك ضمن خطة عمل المؤسسة خلال هذه المرحلة في سورية والتي تستهدف التدخل الطارئ لإنقاذ مبانٍ أثرية في مواقع مسجلة على قائمة التراث العالمي.
تضمن مشروع سوق السقطية إعادة تأهيل الواجهات الحجرية والقباب وقد تم ذلك باستخدام المواد التقليدية والأدوات اليدوية وتعويض الفاقد بحجارة من النوع نفسه. كما تم إنجاز البنى التحتية التي تضم شبكات الماء والكهرباء والاتصالات والإطفاء والصرف الصحي. وقد نفذت كافة الأعمال وفق أرفع المعايير العالمية المتبعة في أعمال الترميم والتي نالت استحسان وإعجاب كل الخبراء الدوليين الذين عرضت عليهم بما في ذلك إدارة منظمة اليونيسكو. إنها تجربة رائدة على مستوى العالم في أعمال الترميم ونموذج مميز في إعادة إحياء المدن القديمة، وقد تم تنفيذها بأقصر وقت ممكن (بدأت الأعمال في شهر أيلول الماضي)، وبأقل التكاليف، بسبب الخبرة الهائلة الفنية والإدارية التي تمتلكها مؤسسة الأغا خان، وبسبب تعاونها الوثيق مع الجهات العامة التي ذللت كل الصعوبات التي واجهت العمل، ومنها محافظة حلب ممثلة بالسيد المحافظ ومجلس المحافظة، والأمانة السورية للتنمية التي كان لها دور كبير في تنسيق الجهود بين مختلف الجهات المشاركة في المشروع، ومديرية الآثار والمتاحف التي شكل هذا المشروع تجربة فريدة بالنسبة لها لنقل وتبادل المعرفة بين الخبرات العالمية والكوادر المحلية، وهو ما أثمر الوصول إلى العديد من الحلول المبتكرة التي لعبت دورا أساسياً في إعادة نبض الحياة لهذا السوق.
إن من شأن إعادة إحياء هذا السوق، ذي الموقع الاستراتيجي، الإسراع في إعادة الحياة إلى أسواق حلب القديمة وهو ما سيكون له انعكاسات ايجابية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمرانية في المدينة وبالنتيجة إعادة الألق لحلب الشهباء وإعادة الفرحة إلى وجوه أهلها بعد كثير من المعاناة والويلات.
الشكر الجزيل لمؤسسة الأغا خان ممثلة بالدكتور لويس موريال وسيادة اللواء محمد مفضي سيفو والدكتور علي اسماعيل ولكل من أسهم في إنجاز هذه المشروع.
والشكر لمحافظة حلب ومجلس المدينة والأمانة السورية للتنمية التي أبدت كل تعاون ممكن.
والشكر كل الشكر، وقبل أي أحد، لجيشنا العربي السوري الباسل الذي لولاه ولولا تضحياته لما كانت وقفتنا الاحتفالية هذه ممكنة.
فإلى جنودنا الأبطال تحية وسلاماً، ووقفة إجلال، وعهداً للشهداء منا على ألا تذهب دماؤهم هدراً.
وأختم كلمتي بالامتنان والعرفان لسيد الوطن وحامي البلاد السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية، فهو الذي يقود جيشنا في انتصاراته، ويقود شعبنا في إعمار ما تخرب، ويقود ثقافتنا كي تظل كما عهدناها دائما، فعلا باسلا يقف في وجه الظلام والشر، وأغنية احتفاء واحتفال بكل ما هو جميل ونبيل وخيّر.
شكرا لإصغائكم