رهان مسرحي جديد يخوضه الفنان زيناتي قدسية عبر إعداد وإخراج العرض المسرحي «إعدام» المأخوذ عن النص المسرحي العالمي «انسوا هيروسترات» للكاتب غريغوري غورين، والذي سيبدأ بتقديمه عند الساعة السابعة والنصف من يوم غد السبت على خشبة مسرح الحمراء بدمشق ..
العرض الذي صاغه فنان المونودراما زيناتي قدسية برؤية إخراجية مختلفة؛ صاغ موسيقاه ابنه الفنان قصي قدسية أحد أبطال العرض، وحاول نقل الحالات التي تنتاب الشخصيات روحياً في فضاء المسرح، مترافقاً بوجود نخبة من الفنانين هم: صفاء رقماني، زهير عبد الكريم، جمال العلي، جمال نصار، محمود خليلي، سامر الجند ، خوشناف ظاظا.
«تشرين» دخلت كواليس المسرح وتابعت بعضاً من بروفات العرض، واللافت عند الدخول حالة المودة الموجودة بين طاقم العمل من فنانين وفنيين من جهة تلقي الممثلين لملاحظات المخرج على الأداء وعلى تصميمات الملابس التي صاغها محمد خليلي لكل ممثل، والإكسسوارات المترافقة لكل شخصية وحاول مقاربتها إبراهيم مؤمنة، أو من طريقة الماكياج المطلوبة بأنامل منورعقاد في محاولة لإكمال الصيغة النهائية للعرض البصري بكل أبعاده.
فكرة المسرحية جرت أحداثها في اليونان القديمة بمدينة إيفيس وتحديداً عام 365 ق.م، حيث يقوم تاجر بسيط يدعى «هيروسترات» بحرق معبد الإلهة «أرتميدا» أو «أرتيميس» أضخم معبد في التاريخ، وواحد من عجائب الدنيا السبع، وقد عدّ إحراق المعبد تحدياً للإنسانية جمعاء، وكان من المنطق أن يؤدّي إلى إعدام المجرم حالاً، إلا أنّه وبدلاً من ذلك حصل العكس تماماً وحيكت مؤامرات عديدة وخطيرة سنتعرف على نتائجها بنهاية العرض..
يركز الفنان زيناتي قدسية في مضمون العرض على فكرة العدالة مشدداً على أن خياره لهذا النص لوجود تقاطع مع واقعنا المعيش، وقال: هذا التقاطع استدعى إعداد هذه المادة لتكون أقرب إلينا وأقرب لواقعنا محلياً وعربياً، والقضية التي يطرحها هذا النص تعني كل البشر، فمسألة العدالة مهمة لكل الشعوب، هذه العدالة الغائبة خلّف غيابها جرائم وقسوة ودماراً وحروباً طاحنة، وأضاف: نحن نحتاج لأعمال مسرحية تعيد للنص المسرحي وللشخصية المسرحية الدرامية ولخشبة المسرح هيبتها، وخلال (10) سنوات من الحرب على سورية قدمنا الكثير من الأعمال ذات المستوى المتردي من مبدأ أننا في حرب، وأي شيء مقبول وخلق محاولات لإضحاك المشاهد وتسليته، فمن قال إنه يجب إخراج الجماهير من الحالة التي يعيشون فيها، الفن يكرّس عند المشاهد الأسئلة الحارة، لذا ينبغي أن نقدم أعمالاّ تكرس هذا الطرح وتحرضه، وبالمناسبة العرض بمضمونه يركز على هذه المسألة عبر عدة مقولات، فرجل المسرح يخاطب القاضي: «لاتحاول أن تهدئ الذاكرة بالنسيان سلّحها بالغضب» الذاكرة هي سلاحه، لذا يجب أن نضع مشاهدينا بحالات قوية ومركزة بحيث تفجر الأسئلة في داخله قد لا تتحقق العدالة اليوم، لكن للمسرح حلمه ونحن نتشبث دائماً بأهداب هذا الحلم، ونأمل فيه أن تنتصر العدالة وتقف شامخة بهذا الركام في عالمنا..
الفنانة صفاء رقماني التي تطل بتجربتها الثالثة عبر المسرح سبق أن قدمها قدسية في تجربة أولى عبر مسرحية «حفلة على الخازوق» ليعيد التجربة مرة ثانية عبر «إعدام» وببطولة نسائية مطلقة مجدداً عبر شخصية«”الأميرة» زوجة حاكم البلاد الطامحة للشهرة ولوضع اسم لها عبر التاريخ، مستندة على حب الأمير لها في تنفيذ مآربها الشخصية، تؤكد صفاء أن الأميرة مزيج من الدهاء والمكر والعنفوان والكبرياء جعلت من المحيطين حولها رهن إشارتها لتلعب لعبتها في تغيير المحيط وتخليد اسمها عبر التاريخ..
الفنان زهير عبد الكريم الذي أعاده عشق الخشبة إليها بعد أكثر من عشر سنوات من آخر عرض مسرحي قدمه مع الفنان أيمن زيدان «راجعين»، لفت بأن عودته لإرضاء ذاته وأنه مازال يملك شغف الوقوف على خشبة المسرح بإدارة الفنان والمخرج المسرحي زيناتي قدسية، وأضاف شخصية «الأمير» تحمل جوانب متعددة من الإشكالية من جهة علاقته بزوجته وحبه لها ومواجهته لسطوة هيروسترات الجماهيرية.
الفنان جمال العلي نوّه بأن شخصية السجّان واحدة من الشخوص المحركة للحدث في العرض المسرحي، وأن الحكم النهائي لنجاح العرض يعود للجمهور، وأوضح الفنان العلي حرصه على التواجد في المسرح وإلى التماس المباشر مع الناس خاصة في العروض التي تحمل قضايا جادة تحاكي هموم الشارع.
الفنان محمود خليلي قال: أن شخصية «القاضي» تختلف عن أدواره السابقة القائمة على الكركترات المتعددة من جهة اللعب بالصوت والشكل، ولفت إلى أن قاضي المدينة شخصية واقعية وحقيقية فهو في طرف وبقية الشخصيات في العرض في طرفٍ ثانٍ، يقوم بمواجهتهم بسبب جريمة ومطلوب بالتحقيق فيها، ويتخذ قراراً بإعدام المجرم قبل الإعلان عنه في المحكمة، لكن المفاجأة تكون في أن الكثير من ذوي الشأن في البلاد قد تآمروا على النيل من العدالة في التعاون مع هذا المجرم، الذي يدفعه خوفه من إفلات المجرم من قصاصه إلى اتخاذ القرار بالموت قبل صدور حكم الإعدام.
وأوضح الفنان جمال نصار من جهته؛ أنه يحّل ضيف شرف على العرض من خلال شخصية رئيس الكهنة في المدينة التي يحرق معبدها، الأمر الذي خلّف كارثة كبيرة بالنسبة له لكونه المسؤول عن المعبد، ومحاولته تنفيذ القصاص عبر قرار من السلطة الدينية.
أما الفنان سامر الجندي؛ فيجسد شخصية «كريسيب» تاجر مرابٍ همه المال والربح، إضافة لحبه للنساء تتقاطع الشخصية مع «هيروسترات» حارق المعبد وما قام به خاصة بعد الجريمة التي ارتكبها، ويسعى لاستعادة ماله منه بعد دخوله السجن، حيث تبدأ أحداث المسرحية بالتصاعد..
ميسون شباني 2020/09/24
تشرين