تجربة قدّمها د. سامر عمران من رواية “العمى” وقصة “وادي العميان”
العميان والبحث عن الجنون … بلغة طلاب السّنة الرّابعة … – Rating – ريتينغ
رئيس التحرير: عامر فؤاد عامر
“إذا كنت تستطيع أن ترى، فانظر
إذا كنت تستطيع أن تنظر، فراقب”….
غامر الدّكتور سامر عمران بجرأةٍ في تقديمه 22 طالباً استعدوا للتخرّج من المعهد العالي للفنون المسرحيّة، ليدخلوا معترك ساحة العمل والمنافسة في ظرفٍ زمني لا يُحسدون عليه، فهم دفعة الممثلين الجُدد، وقد دخلوا الأكاديميّة في فرصة منحتها لهم عميد المعهد منذ 4 سنوات جيانا عيد، في جرأةٍ لم يقم بها من قبل إلا الكبير فواز السّاجر، وها هم اليوم يواجهون مصيرهم من خلال عرض التّخرج الذي حمل عنوان 3021.
نواجه عدداً ليس بالقليل، فلا بدّ أن يكون لكلّ واحدٍ منهم حصّة ظهورٍ في المسرحيّة توازي حصّة زميله أو زميلته، والبحث عن مسرحيّة بهذا الشرط لا بدّ شبه مستحيل، إذّ لا يوجد مسرحيّة في تاريخ المسرح ستحققُ هذه المعادلة، فما كان من الدّكتور “عمران” سوى انتقاء نصّ غير متوقع يمنح فيه الفرصة العادلة لهذه الكثرة.
تحمل رواية “العمى” مضموناً يترك أثراً بالغاً لدى محبّي الرّواية وعشّاقها، وهي الرّواية التي نال فيها الكاتب البرتغالي “جوزيه ساراماغو” جائزة “نوبل” للآدا
ب في العام 1998، وتمّ تجسيد أحداثها في فيلمٍ سينمائي يحمل الاسم نفسه، من بطولة: “جوليان مور”، و”مارك روفالو”، وآخرين، ومن إخراج البرازيلي “فرناندو ميريلس”، وقد أصبحت مغامرة فريدة من نوعها عبر عرض تخرج طلاب السّنة الرّابعة من المعهد العالي للفنون المسرحيّة، بانتقاء مشاهد منها، وتجسيدها مسرحاً بلغة الدّكتور سامر عمران، ليكون جنون التّجربة صفة متقدّمة، وحالة جديرة بأن تُرصد.
حمل “العمى” إسقاطاً مهمّاً للغاية يتقاطع مع المرحلة الرّاهنة التي يعيشها الإنسان في سورية وبقاع عدّة من البلاد العربيّة، لكن العمى المجنون رُبط من جهةٍ أخرى بقصّة “وادي العميان” للكاتب البريطاني “جورج ويلز” لتكتمل الصّورة أكثر بتصعّد الجنون تعميماً وقانوناً بالمواجهة مع المُبصر الذي تُكالُ إليه الاتهامات، وينتهي به المطاف للعقوبة.
إسقاطات لا يمكن للمتلقي تجاهُل وقعها، وقد بات الموت لغة عصريّة عبر سنواتٍ عديدة من الحرب، ما زال ظلّها يرزح قابعاً في النّفوس، والمفاجئة الأكبر كانت عندما طرح العرض استشراقاً آخر من خلال مشهد العميان الذين طُرشوا فجأةً، وبدأ الطّرشُ ينتشرُ مرضاً معدياً بين النّاس لتعمّ حالة السّكون والحركة من دون صوت على الخشبة! فأين الجواب وأين الحلّ أيّها الجمهور؟!
لن نتناول العرض المسرحي في جوانبه جميعها، لكننا آثرنا تسليط الضّوء على تجربة مهمّة قام بها مخرج العرض، وأولئك الطلاب في اجتهادٍ وانتقاء ومحبّة، ومن خلال فضاء مسرحي متعدّد وغير محصور بخشبة المسرح، وبجنون الأعمى الذي فُرض عليه ظلامٌ من نوعٍ خاصّ.