استضافت إذاعة أرابيسك ضمن برنامج كلام صافي مع صافي قبرصلي معالي وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح وفيما يلي أبرز ما ورد في هذا اللقاء:
• أدعو من قبلي جميع المثقفين أن يتواضعوا، وألا ينسوا أن الإنسان هو بالدرجة الأولى إنسان وأن عليه أن يخدم المجتمع بعلمه وثقافته.
• البيئة الأسرية والأخلاق التي تعلو على كل شيء تلعب دوراً كبيراً في تكوين الشخصية الثقافية، وشخصيتي اليوم نابعة من ثقافة أسرية متينة، إلى جانب أني تربيت في مدرسة راهبات كن يتبعن أسلوباً شديداً في التربية يعتمد على قيم ومعايير وأسس محددة وصارمة.
• بالنسبة لي الحقبة الثقافية الذهبية كانت الفترة التي جسّدت روح المقاومة في السبعينات، ففي تلك الفترة كانت الأغنية الوطنية تلامس أرق المشاعر التي تجاوزت حدود الوطن، ليصبح الشعور قومياً بامتياز، وهذا ما نفتقده اليوم لأن الأولويات اختلفت عند “الأشقاء العرب” حيث فُقِدت تلك المشاعر لدى قياداتهم، لكنها لاتزال موجودة لدى الشعوب، وربما جوعوا شعوبهم أو دجّنوهم حتى أفقدوهم شعورهم الوطني.
• ربما كانت المجالات غير متاحة اليوم أمام الكثيرين، والمبدع يبرز، والمموّلون كثر في مجال الغناء والدراما. أما في المسرح والسينما فما زلنا انتقائيين، ومع ذلك فمديرية المسارح والموسيقا تنتج عدداً كبيراً جداً من المسرحيات سنوياً وصل إلى المئات في إحصائيات الوزارة عام 2020 على مستوى سورية، في ظل دعم الفرق الصغيرة والهواة وخريجي المعاهد الذين لا يجدون عملاً، لاسيما أن الأجواء غير مناسبة للاستثمار الخاص في مجال المسرح والسينما، بالتالي فالصناعة السينمائية تجارية وتحتاج دعماً مالياً تقنياً كبيراً، لكن الإنتاج الرسمي غير التجاري مازال مستمراً ولم ينخفض إطلاقاً بالرغم من كل الظروف.
• لسنا مقصرين في دعم المبدعين، إنما هم ذاتهم قليلون وسط حالة من النضوب العام، لكن هناك عدد لا بأس به من الأدباء وصنّاع السينما والمسرح، والإقبال الجماهيري ما زال كبيراً على المسرح.
• إن كانت البيئة قوية أنتجت إبداعاً وشيئاً جميلاً، وإن كانت ضعيفة فلن تنتج سوى الضعف،والإبداع يكون في الشكل والمضمون، في المحتوى وفي كيفية إظهاره. والرحابنة طفرة لن تتكرر وهي شيء غير معتاد في الشكل والمضمون والاستدامة.
• خلال سنوات الحرب أخذ المبدع أحد ثلاثة مناحي، إما صمد وبقي في البلاد متحملاً الظروف، وإما خرج بحثاً عن رزقه وسلامته لأنه فقد بيته أو أسرته، وإما فقد بوصلته.. ولست بصدد الحكم على أحد، هؤلاء تاهوا ولم يعودوا يعرفون من يصدقون، وهذا مؤسف لا بل غريب لأن المثقف الأقدر على التحليل والمحاكمة والخروج بقرارات واضحة للواقع.
• أنا لدي مشكلة “كإنسانة” مع الشخص الذي يشتم وطن قدم له كل شيء من الحضانة إلى المدرسة والجامعة. منهم أصدقاء لي من الوسط الأكاديمي، لكن الصداقة مبنية على قيم ولا يمكن أن تستمر في هذه الحالة، لا يمكن أن تصادق من يذهب إذا كان في الاتجاه المعاكس تماماً.
• الثقافة تحولت لدى البعض إلى مهنة، وقد لا تكون أولوية بالنسبة إليهم، لكن عندما نقدم للناس مادة ثقافية تدخل للقلب وتلامس إنسانيتهم وتحمل لهم رسالة وتخرجهم من حالة إلى حالة فهي أولوية، والثقافة في هذه الحالة علاج نفسي وأوكسجيناً ضرورياً في الأزمات أكثر من أي وقت مضى.
• المراكز الثقافية تتبع بنشاطاتها لوزارة الثقافة، أما موازنتها الاستثمارية فتتبع للإدارات المحلية، وهي المسؤولة عن التأهيل والترميم والإنفاق على التجهيزات وفق موازنة استثمارية معينة، ومع ذلك نحاول دعم المراكز وتجهيزها عندما نجد مركزاً في منطقة ناشطة ثقافياً ويستحق الدعم.
• يتجاوز عدد المراكز الثقافية 350 مركزاً. لكن الفعلي ما يمكن أن نسميه مركزاً ثقافياً بالمعنى الحقيقي للكلمة لا يتجاوز 80 مركزاً وذلك لأنها تصنّف تبعاً لحجمها وطاقتها الاستيعابية وبنيها التحتية فهناك قصر ثقافي وهو عبارة عن دور ثقافة كبيرة فيها مسارح وصالات عرض وقاعات كبيرة للمحاضرات، ومركز ثقافي ونافذة ثقافية مكونة من غرفتين ونقطة ثقافية هي كناية عن غرفة واحدة.
• هناك مسارح لوزارة الثقافة في كل المحافظات ولكن بالمقابل هناك مسارح تابعة للمراكز الثقافية قد لا تستوعب فرقة سيمفونية مكونة من 70 عازف على سبيل المثال، أما بالنسبة للأوبرا فلها خصوصية في العالم أجمع ومن يعتلي مسرح الأوبرا يجب أن يكون من مستوى أكاديمي وفني متميز، لذا يتم اختيار العروض الفنية من قبل لجنة متخصصة. إن وجدنا أن المشروع الفني جادّ يستحق الدعم نؤمِّن له المسرح المناسب وكل مستلزمات العرض وبشكل مجاني وندعم إنتاج العمل.
• المختصون والخريجون الذين يحثون الشباب على السفر ودراسة السينما فقط في الخارج بعد إحداث المعهد العالي للسينما يعملون في الواقع على تثبيط هممهم، والغريب أن الذين يتحدثون بهذا الشكل هم خريجو جامعات سورية، وكلامهم هذا فيه انتقاص لقدراتهم هم ولمستوى تأهيلهم!
• مقر المعهد العالي للسينما مقر مؤقت، ويتم حالياً اختيار عميد للمعهد يكون له باع بالعمل السينمائي. لدي خمسة أسماء معروفة مرشحة. الملفات قيد الدرس والقرار يحتاج نحو أسبوعين للصدور.
• شرط العمر للقبول في المعهد لم يقرّر بعد.. القبول لحملة الشهادة الثانوية والشهادة الجامعية، لكن هناك امتحانات قبول ومفاضلة يتم على أساسها الاختيار. والمقاعد محددة كما في المعهد العالي للموسيقى وللفنون المسرحية.
• بالرد على أحد المخرجين الذين انتشر تصريحه بأن وزيرة الثقافة الحالية لا تعرف السينما أقول له: هل عرفني عن قرب؟!.. أنا شخصياً لا أحكم على شخص قبل أن أعرفه.. وباب الوزير مفتوح للجميع.
• بالنسبة لفكرة إنشاء الحاضنة الموسيقية كان لدي خوف وقلق على الشباب الذين يتخرجون من المعهد العالي للموسيقا.. وعمّا يفعلونه بعد التخرج لاسيما أنهم مؤهلون تأهيلاً أكاديمياً عالياً.. لذلك قمنا باحتضانهم استناداً إلى فكرة أطلقها أحد الخبراء الموسيقيين الذي أصبح مشرفاً على الحاضنة. هذا يعني احتضان فرق لديها مشروع، نقدّم لها المكان والآلات والإشراف الفني، وندعمها ونساعدها على تكوين هويتها الفنية ونطالبها بتأدية حفل موسيقي كل ثلاثة أشهر. مدة الحضانة عام على الأكثر تكون الفرقة بعدها قادرة على الانطلاق.
• ليس لدينا علاقة بإنتاج الأغنية السورية فتلك مهمة وزارة الإعلام.
• نحن نهتم بالمسرح الغنائي ونحيي التراث الغنائي السوري ونحتضن كل من يقدمه، وإذا كان هناك من يريد أن يلحن فيمكن أن تقدم ألحانه والأغاني ضمن حفلٍ موسيقي على مسارحنا، لكننا لا ننتج أغنية ولا فيديو.
• أفضل وسيلة لحماية التراث اللامادي أن نوثّقه ولدينا مشروع لتوثيق هذا التراث ونناقشه أمام لجان مجلس الشعب. وهو قانون التراث اللامادي وهذا القانون يُعنى بما نسميه الكنوز البشرية التي لديها من الموروث الثقافي وإنتاج هذا التراث ما يجب أن نحافظ عليه ونرعاه وندعمه ونلزمه بنقل الموروث للآخرين.
• المرأة في سورية عانت الكثير خلال الحرب وتحمل الآن العبء الأكبر.. وفي كل مكان هناك مبدعات لكن الظروف صعبة ولا نستطيع أن نحمّل لا المرأة ولا الرجل أكثر من طاقتهم.. وفي مجال المسرح والفن التشكيلي والموسيقى والأدب لدينا مبدعات كثيرات اليوم لكن الكثرة تضيع الأسماء أحياناً..إبداع المرأة السورية لم يغب في أية لحظة.
• كلمة “مبدعة” بالنسبة لي كبيرة جداً.. أنا الآن امرأة أكاديمية باحثة ومثقفة لكنني أيضاً إدارية لدي أهداف وخطط استراتيجية ومسؤوليات علي القيام بأعبائها وقيادة الوزارة لتقوم بمهامها على أكمل وجه. وأنا أثق بالمثقفين وبالعاملين في الوزارة وبقدراتهم.